فيما أهل الحل والربط يأسرون الحكومة بدائرة منافعهم الشخصية، ويعطلون أيّ مسعى لولادتها متجاهلين المشهدية الكارثية على الصعد كافة الاجتماعية الاقتصادية والصحية، تتجه أنظار اللبنانيين إلى منصّة صيرفة ، علّها “تعقلن” الدولار الذي قفز إلى عتبة الـ 13 ألف ليرة بالتزامن مع الحديث عن رفع الدعم. المنصّة الموعودة لم يبدأ العمل بها فعليًّا في المصارف، على رغم الموافقة المبدئية التي وردت في جواب وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني
بصرف النظر عن أسباب التريث ببدء العمل بمنصّة صيرفة، يبقى السؤال الجوهري حول مدى قدرة المنصّة على ضبط سعر صرف الدولار، ووقف المضاربات في السوق الموازية
موعد إطلاق المنصّة
“لن أتكهن حول سبب عدم بدء العمل بها” قال كبير الإقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، مفنّداً مسار التحضير لإطلاقها من قبل مصرف لبنان، بحيث صدر عنه في شهر آذار الماضي بيانان، في الأول يدعو المصارف للاشتراك بالمنصة والتسجيل على التطبيق الإلكتروني العائد لها، وفي الثاني يطلب من الصرّافين المرخّصين الإنضمام إلى المنصة تحت طائلة سحب رخصتهم. ثم أصدر في نيسان الماضي إعلاماً وجّه فيه دعوة إلى المصارف كافة للمشاركة في دورة تدريبية يعقدها بشأن المنصة، بحيث طلب من كل مصرف إرسال شخصين ليتدرّبوا على تقنيات المنصّة. وفي كلّ البيانات لم يحدّد مصرف لبنان تاريخ إنطلاق عمل المنصة. بالمقابل نسمع منذ أسابيع تكهّنات أنّ مصرف لبنان أرجأ إطلاق المنصة مرتين، وأنّه غير قادر على إشراك عدد من المصارف في هذه المنصة، وكلّها إشاعات لا أساس لها. قبل يومين أطلق التعميمين 157 و 583 لتوضيح آلية عملها، وبعد أن توضحت الآلية فلننتظر الإنطلاق الفعلي
سعر دولار المنصّة
منذ الحديث عن إطلاق المنصة، أُشيع أنّ سعر دولار المنصة هو عشرة الآف ليرة، ولكن مصرف لبنان لم يحدّد أبدًا السعر في كلّ تعاميمه
تترقب الأسواق المالية مسار بورصة الدولار فور بدء العمل بالمنصّة، وتسود التوقعات بأن ينخفض السعر إلى حدود العشرة الآف. بالمقابل لا يمكن فصل المنصة الإلكترونية عن المسارات الأخرى، خصوصًا أنّ التحضير لإطلاقها ترافق مع رسائل متعدّدة وجّهها مصرف لبنان للمعنيين في الحكومة، حول عدم قدرته على الإستمرار بالدعم العشوائي بعدما استُنزف احتياطه من العملات الأجنبية، وبالتالي رفع الدعم من شأنه أن ينعكس زيادة في الطلب على الدولار من قبل التجار والمستوردين
يدرك المعنيون، بدءًا برأس الهرم، وخلفه الأطراف التي تمسك بالقرار الحكومي سواء المنتمين إلى معادلة ” فائض القوة” أو “فائض الضعف”، وهنا ليس “كلن يعني كلن” بل فئة معطلّي الحلول الوطنية لصالح مستقبلهم السياسي وفئة راهني البلد على أرصفة فيينا ومحادثتها النووية، يدرك هؤلاء أنّ المنصّة السياسية وحدها من تأخذ البلد إلى الإنهيار الشامل أو تنتشل الوطن بأسره من قعر الهاوية، وأنّ الحلول تبدأ بالسياسة لتنسحب على الإقتصاد والنقد، ووقوفهم موقف المتفرج على الشعب المقهور لا يندرج سوى بخانة الخيانة الوطنية العظمى