منذ بداية الأزمة الاقتصادية والمالية، ارتأى المعنيون عن سابق تصور وتصميم عدم ايجاد الحلول الجذرية لها، فاكتفوا بطرح افكار ومبادرات وتعاميم لم تبصر النور بفعل تذييلها بعبارات ومصطلحات تجعل اقرارها امرا معقدا، وتعمد كل فريق من القوى المعنية تبرئة نفسه من جريمة الانهيار المالي والذل الذي أصاب المواطنين من جراء تدهور الأوضاع المعيشية رمي مسؤولية تنفيذ ما يتخذ من قرارات غير صائبة على الفريق الاخر
الضياع سيد الموقف عند الطبقة السياسية حيال الدعم لجهة رفعه أو ترشيده، علما ان الدعم العشوائي كما هو راهنا استفاد منه المهربون واصحاب الكارتيلات على حساب المواطن بسبب تلكؤ الوزارات المعنية عن مراقبة الاسعار وضبط السوق ومحاسبة محتكري الدواء والسلع الأساسية والبنزين
كثيرة هي التساؤلات ولا تزال حول مبادرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا سيما ان توقيتها يأتي بالتزامن مع الحديث عن رفع الدعم واقرار البطاقة التمويلية والمنصة الالكترونية، هل فعلا سيتم تسديد الودائع بالعملات التي وضعت بها ام أن هذه المبادرة ستبقى في سياق ضخ اللبنانيين بجرعات اوكسجين تخفف من حدة غضبهم خاصة وان تجّربة اللبنانيين مع المبادرات والوعود باءت معظمها بالفشل؟
يهدف سلامة الى اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة فهو طلب من المصارف تزويده بالمعطيات ليبني عليها خطة يتم بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، وأنه سيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يحدّدها مصرف لبنان
ان بيان مصرف لبنان الذي صدر الأحد الماضي يحوي على ثلاث نقاط جوهرية : الأولى تطال أموال المودعين التي من المتوقع أن يبدأ دفعها إبتداء من اخر حزيران مع سقف 25 ألف دولار أميركي، والثانية إطلاق المنصّة الإلكترونية، والثالثة رفع دعم جزئي كما طرحه البيان الذي تحدّث عن ترشيد من قبل الوزارات
الأكيد وفق المعلومات ان المشهد المعيشي والاجتماعي كارثي وينذر بالفوضى على المستويات كافة، والمسؤولية تكمن على عاتق الجميع، علما ان من زار حاكم مصر لبنان في الايام الماضية من موفدين سياسيين سمع من كلاما مفاده ان الحاكم لم يتلق اي رد من الوزارات التي راسلها حيال ترشيد الدعم، هذا عطفا على الحكومة التي تواجه لجنتها المعنية خلافات بين وزرائها حيال الدعم . يأتي ذلك في ظل الصراع الدائر بين المراجع الرسمية حيال مسألة الترشيد من عدمه ،ومن يدير ملف البطاقة التمويلية ،وهل ستكون بالدولار ام بالعملة الوطنية